السبت، 21 مايو 2011

هل يجدي النصح

أنا على يقين أنني لن أتي بجديد إن قلت إن المؤسسات التعليمية هي أهم ميدان يفترض أن تُعرض فيه أرقى الخدمات واسماها : لاستكمال التكوين المعنوي للإنسان : إذ فيها يعرف الإنسان قدر نفسه ، ودوره الحقيقي في عالم يتحرك نحو الرقي أو التدهور حسب مدى وعي كل فرد بذلك القدر ، وماله وما عليه ، كما أن المؤسسات التعليمية مرآة تعكس مستوى تحضر حياة الناس في أي مجتمع اكتر مما تعكسه غيرها من المؤسسات العمومية الأخرى .



لذلك أسائل نفسي باستمرار وأنا اسمع وارى مايروج في مؤسستنا التعليمية من سلوكات مشبوهة ، منحرفة تتنامى وتتسع: ابتداء من السرقة داخل فصول الدراسة والغش في الامتحان وتعاطي المخدرات ... مرورًا بكسر الأبواب والنوافذ والمقاعد... ورمي الازبال والبصاق في الممرات والقاعات...وانتهاءًا بالسب والشتم بأقبح الألفاظ التي تخدش الحياء وتنال من الأعراض...حتى أصبحت كل تلك التصرفات امرًا عاديا ومألوفا . وأصبحت الاستقامة وطهارة السر والعلن والأمانة التي يدين بها المسلمون لربهم – مع الأسف – شاذة وغير طبيعية...

أسائل نفسي وانقل السؤال لغيري: هل من فائدة ترجى من إسداء النصح في هذا الجو الموبوء ؟ ثم هل نقف عاجزين نكتفي بالبحث عن النجاة لأنفسنا من طوفان جارف طال كل شيء ؟ فلم تعد تجدي لا دروس التربية الخلقية ولا الإسلامية ولا التعريف بالحضارات ولا علوم الحياة والأرض ولا التوعية لإنقاذ البيئة ولا حفظ القران الكريم ولا الأحاديث النبوية الشريفة ولا التربية على المواطنة....



فالمطلوب أن نعمل شيئا... أي شيء مهما كان صغيرا : كأن تعمل هذه الفئات القليلة من التلاميذ الذين احتفظوا بجذوة من الأمل فبادروا إلى انجاز بعض الأعمال التي تحفظ لهم ذكرى إمضائهم سنوات – تكون مباركة إن شاء الله – في ثانوياتهم : تعمل سواء بانجاز مجلة أو غيرها من الأنشطة بشكل مستقل أو في إطار ناد من أندية العلوم أو القران والسنة أو الرياضة :يؤخذ فيها بعين الاعتبار : التحسيس بأهمية التواصل بين المؤسسة والمحيط الأسري أو العائلي الذي يعيش فيه التلاميذ : بان توجه - مثلا- نداءات متكررة إلى الآباء في رسائل أو مطويات لتذكيرهم بما يمكن أن يفيدهم لتوجيه أبنائهم التوجيه المفيد، وبضرورة توفير أبسط ظروف التحصيل والاستقرار النفسي والاجتماعي ألا وهو تنقية البيوت من التلوث السمعي : الخصام والسب والشتم والدعوات السيئة ،ومن التلوث البصري : القنوات الفضائية والمواقع الإباحية . وتذكيرهم بضرورة التواصل معهم بالحوار الهادئ واحتوائهم ومصاحبتهم فلا الإهمال التام يفيد مع الأبناء ولا التخويف ولا المراقبة القائمة على التجسس و لا العنف كذلك.



وحبذا لو يسود في الفصول الدراسية كلها ما نستشعره أو نراه من وجود فئة من التلاميذ في بعض الأقسام - لكنها أصبحت نادرة مع الأسف – يكونون على مستوى عال من الانضباط والشعور بالمسؤولية فيفرضون على باقي زملائهم الاحترام التام لكل مقومات أجواء الدراسة الهادفة الناجحة .



الأستاذة: فاطمة شاعري

" أستاذة مادة التربية الإسلامية. ثانوية الحسن التاني"